بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيد الخلق أجمعين محمد و على آله الطيبين الطاهرين وبعد ....
نشرع بحمد الله تعالى بكتابة بعض الأبحاث المرتبطة بالتوحيد ومن المعلوم أن بحث التوحيد ذو شعب كثيرة فتارة يبحث فيه عن إثبات الصانع وتارة أخرى يبحث فيه عن وحدانيته في الخلق والتدبير وتارة ثالثة يبحث فيه موضوع الأسماء والصفات وخامسة يبحث فيه عن وحدانية الصانع وعدم وجود الشريك و الأبحاث في هذا الموضوع كثيرة ونحن سنتناول في بحث هدا المقام مجموعة من المباحث ويمكن تلخيصها بالشكل التالي:
قد يأت اللاديني الذي يؤمن بوجود الخالق للكون ويسئل:
سلمنا أن لهذا الكون صانعا ولكن ماهو الدليل على أن هذا الخالق واحد لماذا لا يكون الخالق متعددا بمعنى أن هناك أكثر من واجب للوجود فماهو المانع من ذلك؟
إذا سلمنا أن الخالق واحد فمالذي يثبت أزليته لماذا لا نفترض ونجيز عليه الفناء بمعنى أن هذا الخالق خلق هذا الكون ومات؟؟
ونحن في هذا البحث المختصر نريد أن نقف عند هذين التساؤلين
و قبل الدخول في هذا البحث لابد من الوقوف عند بعض المقدمات الضرورية:
۱- تقسيم المفاهيم الى ممكن وواجب وممتنع:
إذا نسبنا مفهوم الوجود إلى الموجود(أ) فإما أن يصح اتصافه بالوجود أو لا يصح اتصافه بالوجود؟؟
فأما مالا يكون الوجود ضروري الإنتفاء عنه بمعنى أنه لا يصح وصفه بالوجود فهو الممتنع كاجتماع النقيضين بان يكون الشيء موجودا وغير موجود مثلا
وأما مايصح اتصافه بالوجود فهو على قسمين:
أ- مايكون وجوده من صميم ذاته بمعنى أن ذاته تقتضي الوجود ولا تنفك ذاته عن الوجود فصفة الوجود فيه صفة ذاتية أو فقل أمر ذاتي كاتصاف اللون الأبيض بالأبيض أو اتصاف السكر بالحلاوة والملح بالملوحة فاللون الأبيض لايكون الا أبيضا فالبياض صفة ذاتية وكذلك الحلاوة بالنسبة للسكر فكمال السكر في كونه حلوا و مثله المملح فان قوام الملح في كونه مالحا ولو لم يكن السكر حلوا لما كان سكرا ولو لم يكن الملح مالحا لما كان ملحا ولا يمكن التفكيك بين السكر والحلاوة لان لازم ذلك هو سلب الشيء عن نفسه
فالقسم الأول هو ماكان وجوده من صميم ذاته
ومن هنا يقول الحكماء الذاتي لا يعلل بمعنى أنه لايحتاج إلى علة ليتصف بالوجود فالسكر بذاته حلو ولم يكتسب الحلاوة من أي شيء آخر ولا معنى لقول القائل لماذا السكر حلو لان حلاوته أمر ذاتي والذاتي لا يعلل
ب- مايكون وجوده عارضا على ذاته فيكون الوجود ممكن الثبوت له وهو ما يصطلح عليه بممكن الوجود كاتصاف الماء بالحرارة فحرارة الماء أمر ممكن الثبوت للماء وكذلك اتصاف الشاي بالحلاوة بعد إضافة السكر إليه فان حلاوة الشاي أمر ممكن الثبوت للشاي ومن البديهي أن إتصاف هذه الأشياء وغيرها بهذه الأوصاف العرضية هو أمر خارج عن ذواتها فإن الشاي ليس حلوا بذاته وانما صار حلوا بعد إضافة السكر وكذلك الماء ليس حارا بذاته وانما صار حارا بعد تعرضه للحرارة فإذا إتصاف الأشياء بالأوصاف العرضية يحتاج إلى علة خارجية
ومن هنا يقول الحكماء كل عرضي معلل
والخلاصة: أن نسبة الوجود للمفهوم تتصور على نحوين:
إما أن لايصح اتصافه بالوجود أي إن وصف الوجود ضروري الإنتفاء عنه وهو ما يسمى بالممتنع
أو يصح اتصاف الموجود بالوجود فيكون وجوده إما من صميم ذاته ولا تنفك ذاته عن الوجود ويسمى بواجب الوجود او يكون وجوده عارضا على ذاته فيسمى بممكن الوجود فهذه ثلاثة أقسام لا رابع لها لانها وليدة قسمة ثنائية تدور بين الشيء ونقيضه
ولا يتصور أن لهذه الأقسام قسم رابع فانه ربما يقال أن هناك أربعة أقسام وليس ثلاثة وهي:
۱-ما يجب وجوده(واجب الوجود
٢- ما يكون وجوده ممكنا(ممكن الوجود)
٣-ما يكون وجوده ممتنعا(ممتنع الوجود)
٤-ما يجب وجوده و يمتنع وجوده
والملاحظ على القسم الرابع أن مرده الى القسم الثالث لان ما يجب وجوده و يمتنع وجوده يوجب اجتماع النقيضين وهو ممتنع.
هذا وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موضوع: الخالق واحد لا شريك له...(۱) 