بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيد الأنبياء و المرسلين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين مازال الكلام حول وحدانية خالق الكون أو فقل شريك للباري سبحانه وتعالى فهل يمكن أن يكون له سبحانه وتعالى شريك أم لا؟؟
في الحلقة السابقة قلنا أننا سنقف عند بعض المقدمات الضرورية وطرحنا أولى تلك المقدمات واليوم نشرع في بيان مقدمة أخرى مهمة أيضا وهي بيان بطلان الدور والتسلسل فهلم معي لبيان هذه المقدمة .
المقدمة الثانية: بطلان الدور والتسلسل
الدور هو عبارة عن توقف الشيء على نفسه
توضيح ذلك: اذا افترضنا أن(أ)علة لــ(ب)فهذا يعني أن(أ)هو المتقدم بالضرورة لان العلة تتقدم على معلولها و(ب)متأخرة بالضرورة لان المعلول يتأخرعن علته
فإذا قلنا أن وجود (أ)توقف على وجود(ب)ووجود(ب)توقف على وجود(أ)فهذا يعني أن(أ)ستكون متقدمة باعتبارها علة ومتأخرة باعتبارها معلولا ل(ب) ف(أ)موجودة في رتبة وغير موجودة نفس الرتبة وهذا اجتماع للنقيضين
وكذلك(ب)فانها ستكون متأخرة لانها معلول ل(أ) ومتقدمة باعتبارها علة ف(ب)موجودة في رتبة وغير موجودة في نفس هذه الرتبة وهذا إجتماع للنقيضين أيضا
فمرد بطلان الدور يرجع الى استلزامه اجتماع النقيضين لانه سيفرض أن يكون الموجود متقدما ومتأخرا في آن واحد وهذا هو معنى قول الفلاسفة أن جعل الشيء علة لنفسه تناقض
وبعبارة أخرى: الدور عبارة عن كون الشيء مُوجِداً لشيء ثانِ، و في الوقت نفسه يكون الشَّيء الثاني موجداً لذاك الشيء الأَول. و هذا باطل لأنَّ مقتضى كونِ الأَول علة للثاني، تقدُّمُه عليه و تأخُّرُ الثاني عنه: و مقتضى كون الثاني علة للأول تقدُّمُ الثاني عليه. فينتج كونُ الشيء الواحد، في حالة واحدة، و بالنسبة إلى شيء واحد، متقدِّماً و غير مُتَقَدِّم، و متأخراً و غير متأخر. و هذا هو الجمع بين النقيضين، و بطلانه كارتفاعهما من الضروريات البديهية. فينتج أنَّ الدّورَ و ما يستلزمه محال.
و لتوضيح الحال نمثل بمثال: إِذا اتفق صديقان على إمضاء وثيقة و اشترط كلُّ واحد منهما لإِمضائها، إمضاءَ الآخر، فتكون النتيجة توقُّفُ إمضاء كلٍّ على إمضاء الآخر و عند ذلك لن تكون تلك الورقة ممضاةً إلى يوم القيامة، لما ذكرنا من المحذور.
و هاك مثالا آخر: لو أَراد رجلان التعاون على حمل متاع، غيرَ أَنَّ كلاًّ يشترط في اقدامه على حمله إِقدام الآخر. فلن يحمل المتاع إلى مكانه أَبداً.(۱)
أما المراد بالتسلسل/ فهو اجتماع سلسلة من العلل والمعاليل الممكنة مترتبة الى مالانهاية بأن يتوقف(أ)على(ب),و(ب) على(ج)و(ج)على(د) وهكذا تتسلسل العلل والمعاليل من دون أن تنتهي إلى نقطة.
والتسلسل باطل أيضا ووجه بطلانه: أن جميع أفراد السلسلة ممكنات وعليه فحكمها جميعا حكم ممكن واحد وحيث أن الممكن الواحد يحتاج إلى علة -كما تقدم في المقدمة الأولى- فكل آحاد السلسلة تحتاج إلى علة
________________________________________
(۱):الإلهيات للشيخ السبحاني ج1 ص63