وقفة مع خطبة أمير المؤمنين علي ع من بنت أبي جهل...1
كاتب الموضوع
رسالة
نهج الحق Admin
المساهمات : 28 تاريخ التسجيل : 08/12/2019
موضوع: وقفة مع خطبة أمير المؤمنين علي ع من بنت أبي جهل...1 الثلاثاء فبراير 11, 2020 9:49 pm
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيد الخلق أجمعين محمد و آله الطيبين الطاهرين وبعد...
بعد أن ثبت في صحاح المخالفين ومسانيدهم أن رسول الله(ص)يغضب لغضب فاطمة ع ويرضى لرضاها وثبت أيضا أنها عليها السلام غضبت على أبي بكر فهجرته فلم تزل مهاجرته حتى توفيت كما يقول البخاري وهذا الحديث لا مفر من قبوله فهو في الصحيحين ومن هنا فهم لا يستطيعون المناقشة في سند الحديث و انتقلوا الى مضمونه محاولين إلزام الشيعة به فانه إن تم أن رسول الله يرضى لرضا فاطمة ع ويغضب لغضبها فإنهم أي الشيعة أول المتضررين به فان الزهراء ع كما أنها غضبت على أبي بكر فكذلك علي ع قد أغضبها وآذاها فهاهو ابن تيمية يقول:{لَكِنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ آذَاهَا، فَلَمْ يُؤْذِهَا لِغَرَضِ نَفْسِهِ، بَلْ لِيُطِيعَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُوَصِّلَ الْحَقَّ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ. وَعَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ قَصْدُهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا، فَلَهُ فِي أَذَاهَا غَرَضٌ، بِخِلَافِ أَبِي بَكْرٍ. فَعُلِمَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ أَبْعَدَ أَنْ يُذَمَّ بِأَذَاهَا مِنْ عَلِيٍّ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا قَصَدَ طَاعَةَ اللَّهِ وَرَسُولَهُ بِمَا لَا حَظَّ لَهُ فِيهِ، بِخِلَافِ عَلِيٍّ؛ فَإِنَّهُ كَانَ لَهُ حَظٌّ فِيمَا رَابَهَا بِهِ} (۱)
وما أعظمها من جرأة عليك سيدي أمير المؤمنين أن يقول هذا الناصبي أنك آذيت بضعة المصطفى لغرض في نفسك في حين أن الذي أخذ حقها وأحرق دارها وأسقط جنينها وكسر جنبها وفعل ما فعل بك وبها آذاها ليطيع الله ورسوله
وبحثنا حول هذه القصة المزعومة سيكون في عدة نقاط:
الأولى/ ذكر بعض المصادر التي أشارت للقصة وإليك بعضها:
المصدر الأول/ صحيح البخاري وقد رواها البخاري في عدة موارد عن المسور بن مخرمة
إن جميع أسانيد هذه الرواية تنتهي إلى المسور بن مخرمة وعبد الله بن الزبير وهذين الرجلين من أشد الناس عداءا لعلي بن أبي طالب(ع)
أما عداء عبد الله بن الزبير لعلي ع ولبني هاشم فأشهر من نار على علم واليك صفحات من حياة هذا الرجل ومدى شدة بغضه لأمير المؤمنين(ع)
إن إبن الزبير هذا هو الذي قال فيه أمير. المؤمنين علي بن أبي طالب ع مخاطبا أباه الزبير:[قَدْ كُنَّا نَعُدُّكَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ حَتَّى بَلَغَ ابْنُكَ ابْنَ السُّوءِ فَفَرَّقَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ](٦)
وقال فيه علي(ع): قَالَ علي بْن أَبِي طالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:[مَا زال الزُّبَيْر يعد منا- أهل البيت- حَتَّى نشأ عَبْد اللَّهِ].(٧)
و أبن الزبير هذا هو الذي حبس محمد بن الحنفية وبني هاشم وتوعدهم بالحرق:[أن عبد الله بن الزبير حبس محمد بن الحنفية ومن معه من أهل بيته وسبعة عشر رجلا من وجوه أهل الكوفة بزمزم، وكرهوا البيعة لمن لم تجتمع عليه الأمة، وهربوا إلى الحرم، وتوعدهم بالقتل والإحراق، وأعطى الله عهدا إن لم يبايعوا أن ينفذ فيهم ما توعدهم به، وضرب لهم في ذلك أجلا](٨)
وهو الذي ترك الصلاة على النبي محمد(ص)لئلا يشرئب بنو هاشم بذكره:[فَقَالَ ابْن عَبَّاس: ذَلِكَ والله أبلغ إلى حاعريتك بغضي والله ضرك وإثمك إذ دعاك إِلَى ترك الصلاة عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خطبك، فَإِذَا عوتبت عَلَى ذَلِكَ، قلت: إن لَهُ أهيل سوء!!! فَإِذَا صليت عليه تطاولت أعناقهم وسمت رؤسهم](٩)
ولا ننسى أن هذا الرجل كان حمالة الحطب في حرب الجمل ولا نريد الإطالة في ذكر موقف هذا الرجل من أمير المؤمنين ع فهذا حال أحد رواة هذه القصة
وأما الراوي الآخر فهو المسور بن مخرمة فإنه كما ينقل الزبير بن بكار :[كانت الخوارج تغشى المسور بن مخرمة وتعظمه، وينتحلون رأيه](۱۰)
وهذا النص يكشف لنا أن المسور بن مخرمة لم يكن شخصا عاديا بل كان من رؤوس الخوارج وزعيما من زعمائهم و معروف أمر الخوارج ومدى بغضهم لعلي. ع فإن السمة البارزة في هؤلاء هي البغض والعداء لأمير المؤمنين ع ودونك قول عمران بن حطان الخارجي كيف يمجد قاتل علي بن أبي طالب ع:
والخوارج هم أولئك القوم الذين وصفهم النبي بأنهم:[قَوْمٌ يَقْرَءُونَ القُرْآنَ، لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلاَمِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ](۱٢)
فالمسور بن مخرمة هذا هو أحد رؤساء هؤلاء القوم وزعمائهم و من يقرأ في سيرة هذا الرجل يجد أنه أيضا له ارتباط وثيق بعبد الله بن الزبير:[عَنْ عَطَاءِ بنِ يَزِيْدَ، قَالَ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لاَ يَقْطَعُ أَمْراً دُوْنَ المِسْوَرِ بِمَكَّةَ](۱٣)
بل إن هذا الرجل كان ممن يحب معاوية حبا شديدا ويواليه:[قال عروة بن الزبير لم أسمع المسور بعد يذكر معاوية إلا صلى عليه](۱٤)
فالمسور بن مخرمة جمع بين الأضداد فانه كان يوالي ابن الزبير ومعاوية و الخوارج والذي يجمع هذه الأطراف الثلاثة هو بغضها لعلي بن أبي طالب ع فهذه هي أحوال رواة هذه القصة ومن كانوا بهذا المستوى من البغض لعلي ع فكيف تقبل روايتهم في القدح به والإنتقاص منه؟؟
وللحديث تتمة إن شاء الله والى أن نلتقيكم في الحلقة القادمة وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
وقفة مع خطبة أمير المؤمنين علي ع من بنت أبي جهل...1