شبهة كثيرا ما تغنى بها المخالفون وطاروا بها فرحا وظنوا أنها معول جيد لهدم نظرية الإمامة فقالوا: تزعم الشيعة أنه لابد من وجود إمام معصوم يرجع اليه في كل عصر وبذلك إفترقوا عن غيرهم من المسلمين فاهل السنة قالوا بعدم الحاجة للمعصوم وانه يمكن أخذ الدين من غير المعصوم فأهل السنة ما آمنوا بهذه النظرية قط والمعصوم الوحيد في نظرهم هو النبي وهو معصوم في تبليغه فقط ومن هنا رجعوا الى غير المعصوم منذ اليوم الأول و الشيعة بعد الامام العسكري أصبح حالهم مثل حال أهل السنة فقدر رجعوا الى غير المعصوم أيضا غاية ما في الأمر أنهم تأخروا في الرجوع لغير المعصوم بينما سبقهم أهل السنة منذ اليوم الأول فحال الشيعة بعد وفاة الامام العسكري وعدم رجوعهم لغير المعصوم كحال أهل السنة بعد وفاة النبي فهؤلاء وهؤلاء جميعا أصبحوا يرجعون لغير المعصوم
والجواب عن هذه الشبهة هو أن يقال:
1- إن حال أهل السنة بعد وفاة النبي ليس كحال الشيعة بعد وفاة الامام العسكري فنحن وان كنا اليوم نرجع لغير المعصوم فهذا ليس تخليا عن النظرية وبيان ذلك:
إن الشيعة مع الحجية منذ اليوم الأول فعندما جاء رسول الله آمنا به ورسول الله نصب عليا فأتبعناه أمرنا بأتباع الإثنا عشر فأتبعناهم والثاني عشر أرجعنا للفقهاء العدول فاتباعناهم فاتباعنا للفقهاء مستند الى مصدر الحجية لان مصدر الحجية والذي لا توجد حجية خارج حجيته هو الذي أرجعنا لهؤلاء الفقهاء خلافا لأهل السنة فالمدرسة السنية تفتقد المشروعية وليست مع الحجية منذ أول يوم فإنا نسألهم من الذي أمركم بالأخذ من جميع الصحابة لا تستطيعون أن تقولوا أن الله ورسوله أمراكم بالأخذ من جميع الصحابة.
2- إن الرجوع للفقهاء هو أمر تفرضه الضرورة وليس أمرا طارئا حادثا على التشيع فالرجوع للفقهاء كان موجودا في زمن الأئمة عليهم السلام وهناك روايات كثيرة أمر فيها الأئمة عليهم السلام شيعتهم بالرجوع للفقهاء وسبب أمرهم شيعتهم بذلك يرجع الى تضييق السلطات الحاكمة للأئمة ع وسجنهم ووضعهم تحت الاقامة الجبرية وإبعاد الناس عنهم و تفرق الشيعة في البلدان الاسلامية فقد كان هناك شيعة في الكوفة وفي المدينة وفي مكة وفي البصرة وغير ذلك ولم يستطع جميع هؤلاء الشيعة الرجوع للمعصوم متى شاؤوا فرجعوا الى المعصوم الذي بدوره هو أمرهم بالرجوع لغير المعصوم ونصب لهم من يرجعون اليه ونفس الامام الثاني عشر عمل بهذا النظام فأرجع الشيعة للفقهاء قرابة سبعين عاما فالرجوع للفقهاء ليس شيئا جديدا على التشيع بل كان موجودا في زمن الأئمة أيضا فاذا كانت هناك حاجة للرجوع للفقيه والمعصوم موجود فالرجوع لغير المعصوم في ظل غيبة المعصوم لا شك تكون أحوج نعم غاية ما في الأمر أن الوصول الى المعصوم ليس أمرا متيسرا لكل أحد و ليس الامام ظاهرا أمام الناس فيكون الاعتماد على الفقهاء.
إن رجوعنا للفقهاء ليس استغناءا عن المعصوم و بديلا حل محل الامامة فان المعصوم يقوم بدور معين أوكل اليه من قبل الامام فليس هناك أي إستغناء عن الامامة أو الغاء لها.